أسبوعان على بداية العام الدراسي ومدارس درعا بدون كوادر تعليمية كافية

درعا ـ نورث برس

يرى سمير غزلان، (53 عاماً)، وهو اسم مستعار لوالد أحد طلاب الشهادة الثانوية لهذا العام، في ريف درعا الغربي، أنّ عدم توافر كوادر تدريسية بعد أسبوعين من بداية الموسم الدراسي الجديد، بدأت نتائجه تظهر على مستوى الطلاب.

ولم يُخفِ “غزلان”؛ بحثه عن بدائل للمدارس الحكومية، إذ أنه يُراجع مدارس خاصة في درعا، لتسجيل ابنه في إحداها.

ولكنه تفاجأ من أن التسجيل في مدرسة خاصة يتطلّب مبالغ مرتفعة تتخطّى المليوني ليرة سورية، فضلاً عن أجور المواصلات يومياً والتي تزيد عن ستة آلاف ليرة سورية.

إلا أنه قرّر تسجيل ابنه للاستفادة من الدروس منذ بداية العام وتعويض ما فاته بسبب نقص الكوادر التدريسية في المدارس الحكومية.

ولم تُنكر جوري العبد الله، (37 عاماً)، وهو اسم مستعار لمُدرِّسة لغة فرنسية في مدينة درعا، علمها بـ”النقص الكبير” الحاصل في المدارس الحكومية لمُدرِّسي اللغتين الفرنسية والإنكليزية، إلا أن الرواتب الحكومية لا تتناسب مع الوضع المعيشي.

ولم ترتبط “العبدالله”؛ بأيّ مدرسة من المدارس الحكومية، وعملت على إعطاء جلسات ودروس خاصة “لأن رواتب الحكومة لا تكفي لأكثر من ثلاثة أيام في الشهر”.

ومنذ حصولها على شهادتها، قرّرت عدم الالتزام بالمدارس الحكومية، “سأبذل جهداً كبيراً جداً دون أن أُحصِّل راتب شهري يتناسب مع الأوضاع المعيشية الصعبة التي تشهدها درعا”، بحسب ما تقوله “العبدالله”، لنورث برس.

واتّخذت المُدرِّسة من إحدى غرف منزلها؛ قاعة صفيّة خصّصتها للدروس الخصوصية، وجهّزتها بمقاعد ووسائل تعليمية تُساهم في إيصال المعلومات للطلاب.

وتستوعب الغرفة 20 طالباً، وتتقاضى “العبدالله”، أربعة آلاف ليرة مقابل الساعة الواحد؛ من كل طالب.

ولا تتجاوز رواتب المدرِّسين في المدارس الحكومية الـ150 ألف ليرة سورية شهرياً، “هذا المبلغ لا يكفي مصاريف المواصلات بين المنزل والمدرسة”، بحسب المُدرِّسة.

وتخرّج أنس السلامة، (37 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد مُدرِّسي المرحلة الابتدائية، في ريف درعا الغربي، من معهد معلم صف، ولم يختصّ في مادة محدّدة، ولا يملك القدرة على إعطاء الدروس الخصوصية.

ويقول لنورث برس: “راتبي في المدرسة يصل في بعض الأحيان لـ120 ألف ليرة، يذهب فوراً لسدادّ الديون التي يبقى منها في معظم الأوقات للشهر الذي يليه”.

واضطرّ “السلامة”، للعمل بعد انتهاء دوام المدرسة وفي أيام العطل؛ بالمشاريع الزراعية بأجرٍ يومي يصل إلى ثمانية آلاف ليرة، ما يُعادل شهرياً ضعفي راتبه في التدريس.

واعتبر فيصل الحبوس، (47 عاماً)، اسم مستعار لمدير إحدى المدارس الحكومية، في مدينة درعا، أن “الشُّح الكبير” في عدد المُدرِّسين ستكون نتائجه “كارثية” من حيث تراجع مستوى الطلاب بشكل ملحوظ.

وطالبَ من خلال عدّة اجتماعات، مع إدارة مديرية تربية محافظة درعا؛ بضرورة إيجاد حلول سريعة للعمل على تأمين مُدرِّسين لسدّ الفراغ المُنتشر في المحافظة، والذي بدأ يُحدِث خللاً في البرنامج الدراسي للطلاب.

واعترفت مديرية التربية بعجزها عن تأمين المُدرِّسين؛ بالرغم من إصدار قرارات تمنعهم من إعطاء دروس خصوصية في المنازل إن لم يكن المُدرِّس ملتزم بالدوام المدرسي.

وأكّدت، على أن هذه “ليست المشكلة الوحيدة؛ بل إن المئات من المُدرِّسين فضّلوا الخروج من البلاد؛ بعد أن حصلوا على شهادات تخرُّج بهدف البحث عن فرص عمل وأجور أفضل”.

وشدّد “الحبوس”، على ضرورة دراسة “زيادة جديّة” في رواتب المُدرِّسين من قِبل الحكومة، بما يتناسب مع مصاريفهم الشهرية التي تتخطّى رواتبهم “بعشرة أضعاف”، وهو الأمر الذي دفع المئات بتفضيل الجلوس في المنازل، دون عمل، على أن يتقاضى راتباً لا يكفيه أجور مواصلات.

إعداد: مؤيد الأشقر ـ تحرير: قيس العبدالله