رياح التفاهمات السياسية تعصُف باللاجئين السوريين بتركيا

درعا ـ نورث برس

انعكس الحديث عن تفاهمات سياسية بين دمشق وأنقرة، على اللاجئين السوريين في تركيا، حيث اضطّر عدد كبير منهم للتفكير في السفر إلى دول أوروبية.

وتحارب أحزاب المعارضة التركية؛ وجود السوريين في أراضيها، وتستخدم ذلك كورقة في حملتها للانتخابات الرئاسية القادمة، بالإضافة للإجراءات المشدّدة على تحرُّكات اللاجئين.

قال غزوان قرنفل، مدير تجمُّع المحامين السوريين، في تركيا، لنورث برس، إن أي صيغة للتعاون أو التنسيق بين دمشق وأنقرة، ستخلط مسألة عودة اللاجئين إلى مناطق سيطرة الحكومة، بعد الحصول على ضمانات أمنية بواسطة روسيا وتركيا.

وأضاف، أن العدد الذي تريد تركيا إعادته من اللاجئين، يتجاوز المليونين؛ قبل انتخابات 2023، “وهذا العدد يستحيل استيعابه فقط في مناطق الشمال السوري”.

وأعرَبَ، عن اعتقاده في أن اللاجئين السوريين؛ يدركون أن هذه “الاستدارة”  السياسية لتركيا، “سيكون لها أثر واضح على استمرار وجودهم بتركيا”.

وتلك السياسة تثير القلق لدى اللاجئين، “ليس لعدم رغبتهم بالعودة لبلدهم؛ وإنما من خطرها مع استمرار وجود النظام الحاكم الذي لا يمكن التعايش معه بالنسبة للكثير منهم”، بحسب “قرنفل”.

وحذّر مدير تجمُّع المحامين السوريين، من تزايد وتيرة خطاب الكراهية تجاه اللاجئين السوريين.

وأشار “قرنفل”، إلى أن خطة إعادة اللاجئين “لم تكن لتتمّ بذلك الوضوح والسلاسة؛ لولا موافقة صامتة ومُضمرة من الحكومات الغربية ومؤسسات الأمم المتحدة”.

وفي السادس من هذا الشهر، قالت، ميرال أكشينار، رئيسة حزب الجيد المعارض، في تركيا، في لقاء تلفزيوني، بأنها سوف تعمل على ترحيل جميع السوريين، قبل الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، عام 2026.

ولاقت التصريحات التركية بحق السوريين، والمصالحة مع دمشق؛ موجة غضب وانتقادات بين السوريين.

تلك الموجة دفعت الخارجية التركية؛ لإصدار بيان توضيحي حول موقفها من القضية السورية، إذ قال، مولود جاويش أوغلو؛ إن بلاده “مستمرة في تضامنها مع الشعب السوري، وتدعم الحلّ السياسي الذي يُراعي مطالب السوريين”.

وقالت، رجاء أحمد، وهو اسم مستعار لصحفية سورية، مقيمة في مدينة إسطنبول، لنورث برس، إن التصريحات التركية؛ “شكّلت صدمة لدى السوريين؛ على اعتبار تركيا، أحد أهم الفاعلين في الملف السوري وكانت تُوصف بالضامن”.

وذكرت، أن هناك تضييقاً على السوريين في تركيا، “ولو بطريقة غير مباشرة”؛ وذلك من خلال الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة من حيث “إيقاف إصدار الهوية المؤقتة وتحديد أماكن التقيُّد، وتثبيت العنوان، وأنه لا تزيد نسبة السوريين عن ٢٠ % في كل منطقة”.

ونوّهت، إلى أن السوريين؛ لاحظوا ارتفاع وتيرة خطاب الكراهية، وتزايد خطابات العنصرية من قِبل بعض المسؤولين الأتراك.

وقالت، إن “السوريين لن يقبلوا أن تكون مخيّمات أو مساكن؛ جُهِّزت وتُجهّز حالياً على الحدود السورية التركية؛ بديلاً عن عودتهم إلى مناطقهم التي نزحوا منها، وإذا رضوا فيها فستكون عائقاً جديداً أمام الحلّ السياسي”.

وكانت وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية التركية، ديريا يانك، تحدثت عن إعادة جميع السوريين إلى بلادهم، بعد عام 2023، وهذا ما زاد من نسبة القلق والتوتر.

وقالت الوزيرة التركية، إن حكومة بلادها تقوم بإرسال السوريين إلى بلادهم “تدريجياً“، ولكن في الوقت الحالي “لا يوجد مكان هناك؛ لإرسالهم جميعاً”، وأضافت: “بعد عام 2023، لن يبقى أيّ أحد منهم”.

رشيد الحوراني، الباحث في المؤسسة السورية؛ للدراسات وأبحاث الرأي العام؛ المقيم في تركيا، أشار إلى أن السوريين انقسموا بشأن الاتصالات بين أنقرة ودمشق، بين مُؤيّد ورافض.

وقال، لنورث برس : “المُؤيّد للاتصالات؛ اعتبرها في سياق المناورات السياسية، وعدم قطع التّواصُلات الأمنية بين الدول في حالة الحروب والنزاعات”.

وأما الرافض لها، “فيتوجّس مما قد تقود له هذه الاتصالات، واحتمالية انتقالها إلى مجالات أخرى؛ كالاعتراف السياسي بالنظام، ومشاركة تركيا بإعادة تأهيله”، بحسب “الحوراني”.

وافترض “الحوراني”، وفقاً للقانون الدولي، ألّا تؤثر تلك التصريحات على السوريين، “إلا أنّ عدم محاسبة من يُقدم على أعمال عنصرية ضد السوريين،  واستثمار المعارضة التركية للرأي العام ضد السوريين، وأنهم سبب الأزمة الاقتصادية؛ سيدفعها لمزيد من التصرفات ضد السوريين”.

وعليه، فإن بعض التقارير، بحسب “الحوراني”، رصدت ازدياد هجرة السوريين من تركيا، باتجاه الدول الأوروبية بعد التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأتراك، والتضييق وحملات العنصرية بحقهم.

وأكّد، أن الدافع الرئيسي للهجرة بعد التصريحات التركية؛ هو “شعور السوريين بميل المجتمع الدولي إلى قبول نظام الأسد، رغم كل جرائمه، وفي هذه الحالة لا يمكنهم العودة إلى سوريا”.

إعداد: إحسان محمد ـ تحرير: قيس العبدالله