مراكز غسيل الكلى بدرعا بلا أدوية ومرضى ترهقهم تكاليف تأمينها

درعا- نورث برس

على أحد الأسرّة في مشفى درعا الوطني، يخضع الرجل الأربعيني، لجلسة غسيل الكِلى، بعد أن تمكّن من تأمين المبلغ لشراء الأدوية المرافقة للجلسة.

يحتاج رضوان العلي،(42 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان درعا، لما يقارب الـ 150 ألف ليرة سورية، أسبوعياً، تكلفة شراء الأدوية لجلسة غسيل الكِلى، فيضعه ذلك أمام تحديات وخاصة أن قدرته المالية لا تُسعفه لشرائها باستمرار.

لا يحصل “العلي”، كغيره من مرضى الفشل الكلوي؛ على الأدوية مجاناً من المراكز الصحية الحكومية الخاصة بجلسات غسيل الكِلى؛ لعدم توفرها بشكل دائم.

هذا الأمر يفرض على الرجل تأمين 600 ألف ليرة شهرياً، إذ أنه يحتاج لغسيل الكِلى مرة أسبوعياً، ما يضطره في الكثير من الأحيان لاستدانة المبلغ من أقاربه.

وقد يتأخر “العلي”، في تأمين المبلغ في الموعد المحدد، ما يدفعه لتأجيل جلسة الغسيل لأيام، وهو ما يتسبّب بتدهور وضعه الصحي.

ولا يتوقف الأمر على ذلك فحسب، إذ يترتب عليه تناول أنواع عدة من الأدوية التي يصل سعرها  لما يقارب الــ 200 ألف ليرة شهرياً، حيث لا تتوفر في المشفى الوطني بشكل نهائي، ويضطر المرضى لشرائها على نفقتهم من الصيدليات.

وتتم عملية غسيل الكِلى، لعلاج مرضى الفشل الكلوي الحاد، عبر استخدام جهاز غسيل الكِلى لتنقية الدم، وتستغرق الجلسة بصورة عامة ما بين الـ 3 إلى 5 ساعات.

ويتفاقم الوضع عند المرضى الذين يحتاجون لأكثر من جلسة غسيل في الأسبوع، والعائلات التي تعاني من وجود أكثر  من فرد مصاب بالفشل الكلوي، حيث يفرض عليهم ذلك دفع مبالغ “مرتفعة”.

ولظهور الفشل الكلوي عوامل متعددة، أبرزها: العامل الوراثي الذي يؤدي لإصابة عدة أشخاص في العائلة الواحدة، بحسب أطباء.

وبحسب عبد النور الفيصل، (42 عاماً)، اسم مستعار لممرض في قسم غسيل الكِلى بمشفى درعا الوطني، فإن غياب الأدوية عن القسم قد يستمر لأشهر.

ويرجع سبب التأخير، إلى إجراءات وزارة الصحة الحكومية، حيث تنتظر شركات توريد الأدوية والمستلزمات الطبية؛ بعد أن يتم إجراء مناقصة يتمّ من خلالها الاعتماد على شركة معينة.

ويُشير الممرض، إلى أن بعض المرضى بدأت حالتهم تتراجع، نتيجة انتظارهم قدوم الأدوية إلى القسم، حيث يعجزون عن شرائها من الصيدليات.

وبينما ينهمك الممرض بالتنقل بين أسِرّة مرضى يخضعون لجلسات غسيل الكِلى، يقول: “يومياً يراجع المشفى العشرات من المرضى الذين يسألون عن توفر الأدوية”.

ويضيف: “لكن الأصعب عندما تشاهد سيدة ترافق أحد أطفالها لإجراء جلسة غسيل كلى، وتضطّر أن تُخبرها بأن عليها شراء الأدوية من الصيدليات والانتظار ليومين نتيجة الازدحام”.

ويُحذر، زكريا العدنان، (53 عاماً)، اسم مستعار لطبيب في مدينة درعا، من المخاطر والآثار الجانبية لتأخُّر موعد جلسة غسيل الكِلى.

ويُضيف، أن التأخير قد يسبب ضعفاً كبيراً في القلب ويزيد من إمكانية فقدان المريض لحياته.

ومن المخاطر أيضاً، التسبّب بضعف في العظام، ما يزيد من احتمال إصابة المريض بكسور نتيجة ذلك، إلى جانب إصابته بفقر الدم، بحسب الطبيب.

ويلفت الطبيب، إلى أن عملية تأخير جلسات غسيل الكِلى، قد تتسبّب بتلف كامل للكليتين، ما يُجبر المريض على إجراء عملية زرع كلية سليمة، وهو خيار صعب لأغلبية المرضى، نتيجة تكلفتها العالية وصعوبة إيجاد شخص تنطبق عليه شروط التبرع.

وتقتصر جلسات غسيل الكلى في المحافظة على مركزين فقط، وهما مركز في مشفى درعا الوطني، ومركز في العيادات الخارجية (مجمّع طبي حكومي)، وكلاهما في مدينة درعا.

ويفرض ذلك على المرضى، وخاصة القادمين من الأرياف؛ أعباء مادية إضافية يدفعونها للمواصلات، إضافة إلى اضطّرارهم للانتظار أياماً حتى يصلهم الدور.

وقبل سيطرة القوات الحكومية على درعا، كان يتواجد في ريف درعا الشرقي، مركزين لغسيل الكِلى في المشافي الميدانية التابعة للمعارضة.

وبعد دخول القوات الحكومية إلى درعا، تم تسليم الأجهزة الموجودة في هذين المركزين لمديرية الصحة في درعا، ونقلها إلى مقرّ المديرية، ولم يتمّ توظيفها لخدمة المرضى في المنطقة للتخفيف من أعباء تنقلهم إلى المدينة، بحسب سكان.

ويقول خليل الزامل، (38 عاماً)، اسم مستعار لمريض بالفشل الكلوي، من ريف درعا الشرقي، إن حالته الصحية في كثير من الأحيان تتراجع بشكل مفاجئ، ويحتاج لجلسة غسيل كِلى إسعافية؛ لكنه يواجه صعوبة في حجز دور له في المشفى.

ويضطر “الزامل”، للانتظار ليومين أحياناً، ويتم إعطاؤه أدوية مسكنة ذات فعالية كبيرة، حتى يحين دوره في الجلسة.

إعداد: مؤيد الأشقر- تحرير: سوزدار محمد