أحياء في القامشلي صيفها شبه معدوم المياه

القامشلي – نورث برس

في حي الزيتونية بمدينة القامشلي، تحاول عائلة عصام محمد (70 عاماً)، الاقتصاد في كمية المياه التي تصل إلى منزلها ساعة أو ساعتان كل ثلاثة أيام، إذ أن قدرة رب الأسرة المالية تعجز عن شراء المياه من الصهاريج بشكل يومي.

ويبدو أن تلك الكمية قليلة جداً والاقتصاد فيها أقرب للمستحيل خاصة أن الحرارة تتجاوز حاجز الـ45 درجة مئوية هذه الأيام، ما يجبر على استهلاك كميات أكبر من المياه.

وفي القامشلي، وهو من أكبر مدن شمال شرقي سوريا، يواجه السكان في بعض أحياءها (كورنيش والعنترية والزيتونية وقدوربك وقناة السويس وغيرها)، مشكلة نقص المياه التي تتفاقم أكثر مع قدوم الصيف كل عام.

وتختلف ساعات تغذية أحياء القامشلي بالمياه من حي إلى آخر، ففي الوقت الذي تتوفر فيه بشكل يومي في بعض الحارات، لا تصل إلى أخرى سوى مرة كل يومين وأحياناً أكثر.

 ويفرض هذا الواقع على السكان البحث عن مصادر بديلة لمياه الشبكة، حيث يعتمد البعض على الشراء من الصهاريج الجوالة، ويشكل ذلك عبئاً مادياً إضافياً عليهم.

ويصل سعر شراء كل خمسة براميل من مياه الصهاريج، لنحو عشرة آلاف ليرة، وتحتاج كل عائلة على أقل تقدير إلى خمسة براميل يومياً، ناهيك عن صعوبة تأمينها.

في حين يعتمد البعض على الآبار المنزلية لتأمين المياه، ولكن ذلك الخيار غير متوفر دائماً، حيث يحتاج تشغيل المضخات (دينمو يعمل على ضخ المياه للخزانات)، للكهرباء النظامية حصراً، كما أن عدد الآبار قليل جداً وتتوفر في بعض الحارات فقط.

سبب

وفي العنترية، وبحسب سكان، تصل المياه إلى المنازل كل يومين مرة وتتراوح ساعات الضخ ما بين ساعتين إلى خمسة، وغالباً لا تتوافق ساعات الضخ مع توفر الكهرباء سواء النظامية أو الأمبيرات، وهو ما يسبب مشكلة في تشغيل المضخات المنزلية لتعبئة الخزانات.

وفي هذا الحي، يقول عبد الحليم يوسف (66 عاماً)، إنه يضطر أحياناً لتشغيل مولدته الخاصة لضخ المياه إلى خزانه وذلك حين لا تتوفر الكهرباء.

ويشتري الرجل الستيني، الليتر الواحد من مادة البنزين لتشغيل مولدته بـ710   ليرة سورية.

ويعتمد السكان في القامشلي بشكلٍ رئيسي في التغذية الكهربائية، على المولّدات ضمن نظام الأمبيرات، إلى جانب الكهرباء النظامية التي تشهد تقنيناً حادّاً بسبب انخفاض منسوب مياه نهر الفرات.

ويرجع خورشيد أوسو، وهو إداري في مديرية المياه بالقامشلي سبب الأزمة التي تعود لعدة سنوات، إلى مشكلة تقنين ساعات الكهرباء التي تؤثر على تشغيل محطات المياه.

ويضيف: “في حال انقطاع الكهرباء تتوقف المحطات عن ضخ المياه, وبالتالي تظهر مشكلة نقص المياه في بعض الأحياء ويحدث خلل في نظام وساعات الضخ”.

ويعتمد نظام ضخ المياه في المدينة على الشبكة العنكبوتية, أي أن مياه كافة المحطات في المدينة مرتبطة ببعضها البعض, وفي حال حدوث أي عطل أو خلل في التيار الكهربائي لمدة طويلة يؤدي لإفراغ أنابيب المياه وعدم وصولها للمنازل، بحسب “أوسو”.

وتضم القامشلي عدة محطات للمياه وأبرزها محطة هلالية القريبة من قرية نافكور غربي القامشلي, ومحطة عويجة  قرب المنطقة الصناعية بالمدينة ومحطة جقجق على الحزام الشمالي للمدينة، إضافة لمحطة سفان بديرك التي تأتي مياهها إلى محطة عويجة ومنها يتم ضخ المياه للأحياء.

ويعتمد تشغيل المحطات على الكهرباء النظامية، إلى جانب وجود مولدات.

وعود متكررة

وخلال الشهر الماضي، شهدت بعض أحياء القامشلي انقطاعاً كلياً للمياه تجاوز العشرة أيام، وذلك بسبب توقف معمل الغاز في رميلان عن تغذية المدينة بالكهرباء.

ولجأت مديرية المياه حينها، لتشغيل المحطات عن طريق المولدات الكهربائية ولكن “رغم  ذلك لم نتمكن من سد وحل مشكلة نقص المياه”، بحسب “أوسو”.

ويَعدُ الإداري في مديرية المياه، السكان بحل المشكلة كلياً خلال الفترة المقبلة، وذلك لأن “وضع الكهرباء أصبح مستقراً”، في إشارة منه إلى عودة معمل الغاز لتغذية المدينة بالكهرباء.

لكن ذلك لا يلقى صدى إيجابياً لدى عبد القادر علي، من سكان شارع ناصرة بحي قدوربك، وخاصة أنه اعتاد على سماع تلك الوعود منذ سنوات دون أن تنحل مشكلة المياه في حييه.

 وبعد انقطاع دام عشرة أيام، وصلت المياه لمنزله يوم أمس، ولمدة ساعة واحدة فقط، كما أن عملية الضخ كانت ضعيفة، فلم يتمكن من تعبئة خزانه.

وأمام استمرار المشكلة، يلجأ “علي” على غرار سكان حييه لشراء المياه من الصهاريج والتي لا تكون صالحة للشرب، بسعر يتراوح ما بين 7  إلى 10  آلاف ليرة سورية، وذلك بحسب سعة الخزان.

الحال لدى وانيس يوسف 35) عاماً)، من سكان كورنيش، غير مختلف عن حال سابقيه، فهو الآخر يشتكي من قلة ساعات ضخ المياه وعدم تزامنها مع توفر الكهرباء.

 ويقول الرجل متذمراً، “عند تزويدنا بالمياه لا تتوفر الكهرباء والعكس صحيح، غالباً تأتي المياه في ساعة متأخرة من الليل, أو في الظهيرة، حيث لا كهرباء”.

إعداد: نالين علي – تحرير: سوزدار محمد