حلب – نورث برس
حلب ليست بمنأى عن التهديدات التركية فالهجوم التركي بحال تم على مناطق في ريفيها الشمالي والشمالي الشرقي فمن البديهي أن تطال تأثيراتهُ مدينة حلب وحجم التأثيرات ستكون كارثية، هكذا وصف المحامي، عز الدين باذنجكي، العمل العسكري الذي هددت به أنقرة منذ شهر ولا تزال تُهدد بشنه على الشمال السوري.
ويتخوف سكان في حلب من تكرار سيناريو معارك القوات الحكومية والمُعارضة المسلحة والذي حصل قبل سنوات وما خلفته من دمار هائل وانهيار البنيّة التحتية لعاصمة سوريا الاقتصاديَّة.
ويستذكر المحامي الذي يسكن في حي الجديدة بحلب القديمة، بداية الأحداث بين القوات الحكومية ومسلحي المُعارضة، حيث كان شاهداً على ساحة المواجهات.
يقول “باذنجكي” إنَّ سبب دمار حلب وخراب أحيائها والكوارث التي حلت بها يرجع “للتدخل التركي في الأزمة السورية”. فأنقرة ومنذ اندلاع الشرارة الأولى للأحداث “اتجهت لتنفيذ مخططاتها الرامية لقضم الأرض السورية”.
ويتساءل: “هل عمليات درع الفرات وغصن الزيتون إضافة لنبع السلام ودرع الربيع هي مجرد أعمال عسكرية لمحاربة الإرهاب وضمان للأمن القومي التركي كما تدعي تركيا؟”، ثم يجيب “لا بل هي عدوان واحتلال للأرض وسلخ جغرافيا الشمال السوري كله عن الوطن تماماً كما حصل في لواء اسكندرون”.
ويرى أن العملية العسكرية التركية في حال تمت “فلن تقف فقط عند حدود تل رفعت ومنبج وكوباني، بل ستواجه حلب تهديداً يفوق ما واجهته قبل العام 2016 أيّ عندما دُمرت المدينة وشُرد أهلها ونُهبت خيراتها بتخطيط وإشراف تركي مُباشر”.

أمان معدوم
ويرى سمير حسين وهو اسم مستعار لصحفيّ في حلب، أنَّهُ في حال نفذت تركيا تهديدها وسيطرت على تل رفعت ومحيطها “فحلب سترجع للمربع الأوّل”. بمعنى أن القتال المرير الذي خاضته الحكومة وحلفاؤها على مدار سنوات بهدف طرد المعارضة من المدينة ومحيطها “قد يذهب أدارج الرياح إذا ما توغلت تركيا مجدداً في الشمال السوري”.
وتهدف تركيا للسيطرة على عمق 30 كم على طول الحدود التركية السورية، أي أنَّها ستكون على مقربة من حلب خاصة تخومها الشمالية وبالتالي “ستصبح المدينة عُرضةً لصواريخ وقذائف تركيا والفصائل المسلحة الموالية لها وستتحول لورقة ضغط تستخدمها تركيا بوجه الحكومة وروسيا وإيران”.
ويُشير “الصحفي إلى أنَّ كلّ المناطق التي تسيطر عليها تركيا وتُديرها عبر الفصائل الموالية لها هي غارقة بالفوضى وانعدام الأمن “فخلق مثل هذه البؤر على أطراف حلب في ظل تعدد الفصائل واقتتالها فيما بينها سيهدد أمن حلب وستكون القذائف والقصف من يوميات المدينة للأسف، كما كان يحصل قبل خروج المعارضة التام من أحياء حلب قبل سنوات”.
بنية تحتية مهددة
تعرضت مدينة حلب، بحسب تقارير صحفية، لتدمير ممنهج وسرقة منظمة طالت أكثر معاملها وبيوتها خلال السنوات العشر الماضية، ما أدى إلى خروج المدينة بمجملها عن الحياة ومقوماتها الأساسية.
وتعد المدينة العاصمة الاقتصادية لسوريا، وهي ذات كثافة سكانية عالية، تقع قرب الحدود التركية في الشمال السوري، وتشتهر بالصناعة والتجارة.
يقول معتز سكر، وهو صاحب معمل للنسيج في منطقة الشيخ نجار شمال شرق حلب، لنورث برس: “الشيخ نجار لا تبعد عن تل رفعت سوى 25 كم وأيّ عمل عسكري سيضع المناطق الصناعية وكافة المعامل والمنشآت الموجودة في شمال حلب وشمالها الشرقي ضمن دائرة الخطر مُجدداً”.

“أكثر من 80٪من البنية الصناعية في حلب ستكون قريبة من مناطق المواجهات في حال توغلت تركيا في الشمال” بحسب الصّناعيّ.
ويُضيف: “الصناعة في حلب تعرضت لتدمير ممنهج على يد تركيا في بداية الأحداث واستطعنا كصناعيين وسكان وبجهود جبارة من إطلاق عجلة التصنيع والإنتاج ولو بالحد الأدنى”.
ويتخوف “سكر” مما قد تتحول إليه الأمور في حال شنت تركيا عمليتها العسكرية، “واقع الصناعة، سيكون مُجدداً عُرضةً للتخريب والسّرقة والنَّهب والتدمير”.