التجفيف.. خيار نساء في دمشق لحفظ مؤونتهن

دمشق- نورث برس

في زاوية بمنزلها في حي ركن الدين بدمشق، تمد لين السالم شرشفاً على الأرض، وتضع عليه ما تريد تجفيفه من مواد للمؤونة الشتوية، وتجد هذه الطريقة “صحية أكتر” من وضعها في الثلاجات.

لم تستغنِ السيدة الأربعينية منذ زواجها قبل اثنين وعشرين عاماً عن طريقة تجفيف المؤونة أو ما يعرف محلياً باسم التيبيس، رغم توفر الكهرباء حينها 24 ساعة يومياً، حيث تعلمتها من والدتها، لذا لم تعانِ كثيراً كغيرها مع غياب الكهرباء بشكل شبه كلي.

ورغم أن طريقة تجفيف المواد تعد قديمة، اعتمدت عليها السيدات في الماضي، ولكنها غابت بشكل شبه كلي مع توفر الكهرباء وذلك لسهولة وضعها في الثلاجات على عكس المجففة التي تحتاج لوقت حتى تجف ولاهتمام شديد، بحسب نساء في دمشق.

وعادت هذه الطريقة مرة أخرى مع بدء الحرب السورية وازداد الاعتماد عليها أكثر خاصة خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب ساعات التقنين الكهربائي الطويلة التي تتبعها الحكومة السورية في مناطق سيطرتها.

ولا تعتمد الحكومة برنامجاً ثابتاً في التقنين، ولكن ساعات التغذية تقل أكثر خلال فصلي الصيف والشتاء.

وتشير “السالم” إلى أن الكهرباء في ركن الدين تأتي ساعتين مقابل أربع ساعات قطع وهو ما دفع بالكثير من السيدات في حييها للاعتماد على تجفيف المواد.

وتحتاج المؤونة إلى التبريد ضمن الثلاجات بكهرباء متواصلة حتى لا تتلف، ولكن برنامج التقنين “الجائر” كما تصفه البعض، جعل خيار التجفيف هو الحل المناسب عوضاً عن تفريزها في الثلاجات.

كميات قليلة

وبالرغم من تكلفة إعداد المؤونة “الباهظة”، إلا أن البعض لم يستغنِ عنها, لا سيما أنها خزان العائلات في فصل الشتاء ولكنهم قللوا من الكميات المعتادة، كحال “السالم”، حيث قامت بتجفيف 40 كيلوغرام من الملوخية, و10 كيلوغرامات من النعناع و12 كيلوغرام من الثوم و20 كيلوغرام من الفليفلة.

وفي منطقة الزاهرة بدمشق، تقول السيدة الخمسينية أم نادر بلهجتها المحلية، “يلي مالو قديم مالو جديد”، في إشارة منها لعودتها لطريقة تجفيف المؤونة.

وتضيف أم نادر التي اكتفت بالتعريف عن نفسها بهذا الاسم، إن الكهرباء تأتي في منطقتها ساعة وصل بمعدل خمس ساعات قطع.

ومونت السيدة حتى اليوم 50 كيلوغرام من الملوخية, و20 كيلو غرام من الثوم  و 15 كيلوغرام من الفليفلة.

وتعد الملوخية والثوم والنعناع  والبامياء والباذنجان والقرع والفليفلة والكوسا والفول، من أبرز المواد التي يتم تجفيفها.

ووفقاً لشهادات عدة نساء في دمشق، فإن تجهيز المؤونة عن طريقة تيبيسها، لها طعم شهي أثناء الطهي على الحفظ في البرادات التي تفقد المؤونة طعمها، على حد قولهن.

ومنذ أسبوع، بدأت السيدة الأربعينية سلام الخضر بتجهيز مؤونتها واختارت البدء بتجفيف النعناع والملوخية وتنتظر هبوط أسعار البامياء والفول حتى تتمكن من تجهيزها أيضاً.

وتسكن “الخضر” في منطقة المزة وتأتي الكهرباء فيها بمعدل ثلاث ساعات وصل مقابل ثلاث ساعات قطع.

وتشتكي هي الأخرى من غلاء أسعار المواد، لذا حرصت على تجهيزها لكن بكميات قليلة.

استغناء عن المؤونة

وقبل الحرب كانت السيدات السوريات تتفاخرن وتتسابقن بين بعضهن البعض من التي تسبق قرينتها وتنتهي من تجهيز مؤونتها ومن التي وضعت في ثلاجتها أنواعاً أكثر.

لكن الظروف الاقتصادية المتردية, وانقطاع التيار الكهربائي يحول دون التجهيز للمؤونة هذا العام فالأسعار “حارقة” لجيبة المواطن السوري، فاستغنى البعض عنها كلياً.

تقول أريج الحيان وهي من سكان حي ركن الدين، “لا مؤونة لهذا العام، فالأسعار مرتفعة جداً”.

ويصل سعر الكيلو غرام الواحد من البازلاء لأربعة آلاف ليرة سورية، بينما يتراوح الكيلوغرام من الفول ما بين 2500 وثلاثة آلاف ليرة.

وبحسب ندى الحوارني  وهي من سكان منطقة كفرسوسة بدمشق، فإن تحضير المؤونة يحتاج لأكثر من 500 ألف ليرة سورية, “وهذا الرقم يصعب تأمينه في ظل الظروف الاقتصادية، لذلك لن نستطيع تحضيرها”.

وتضيف: “قبل الحرب كنا بعشرة آلاف ليرة نستطيع ملء الثلاجة بمختلف أنواع الخضار والمربيات والأجبان لتكون جاهزة للاستخدام في فصل الشتاء، لكن هذا العام لم نستطع، فهو مكلف جداً”.

إعداد: مرام المحمد – تحرير: سوزدار محمد