اتهامات لتحرير الشام بـ”العمالة” لحكومة دمشق بعد تسهيل دخول المساعدات إلى إدلب

إدلبنورث برس

أثار تسهيل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، دخول مساعدات إنسانية إلى إدلب شمال غربي سوريا، قادمة من مناطق سيطرة حكومة دمشق، ردود فعل غاضبة واتهامات طالت الهيئة بـ”العمالة” للحكومة والتطبيع مع أطراف الصراع وعلى رأسهم روسيا، متغافلة عن مصالح المنطقة.

والاثنين الماضي، دخلت قافلة مساعدات إنسانية تابعة لبرنامج الأغذية العالمي مؤلفة من 14 شاحنة إلى إدلب قادمة من مناطق سيطرة الحكومة في مدينة سراقب.

ويقول الخبير العسكري أحمد رحال، إن هذه القافلات، “تؤكد المزاعم الروسية في أحقية النظام السوري باحتكار جميع المساعدات الإنسانية المقدمة وتوزيعها، في حين ستوقف روسيا التفويض الذي قدمته للأمم المتحدة لإدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى”.

وفي الحادي عشر من كانون الثاني/ يناير الماضي، مددت الأمم المتحدة، القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي الخاص بإدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.

وأعلنت الأمم المتحدة في بيان مقتضب، حينها، أن تمديد إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لسوريا بدون تصريح من حكومة دمشق يظل “ضرورياً” لمساعدة السوريين، وذلك مع تمديد الإجراء بحكم الأمر الواقع لمدة ستة أشهر بدون تصويت جديد في مجلس الأمن.

وفي تموز/ يوليو 2021، جدد مجلس الأمن الدولي، تفويض نقل المساعدات “لمدة ستة أشهر حتى 10 كانون الثاني/ يناير 2022” عبر معبر باب الهوى، ونصّ القرار على “التمديد لستة أشهر إضافية حتى 10 تموز/ يوليو 2022” وفق تقديرات تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الموضوع.

وعبرت قافلة المساعدات الإنسانية الأخيرة، قرية الترمبة بالتنسيق مع هيئة تحرير الشام، والهلال الأحمر السوري.

ويشير الخبير العسكري، إلى أن تكرار عبور هذه القوافل إلى مناطق المعارضة السورية، “سيشكل ضربة قوية للسكان والنازحين في تلك المناطق”.

وأثار تصرف الهيئة سخط ناشطين صحفيين وحقوقيين في إدلب. واعتبروا أن موقف الأخيرة يهدف “لإنشاء شبكة علاقات تضمن بقائها وسيطرتها على مناطق إدلب”.

ويرى “رحال” في حديث لنورث برس، أن زعيم تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، “لا تهمه مصالح المناطق المحررة ولا القاطنين بها، وإنما يهمه التطبيع مع روسيا وأطراف الصراع في سوريا”.

وتسيطر هيئة تحرير الشام التي تشكلت عام 2017 على مناطق واسعة في ريفي إدلب وحلب.

إضفاء شرعية

ويقول الخبير العسكري إن مصالح الجولاني تتماشى مع الموقف الروسي، من خلال تقديم هذه الخدمات التي تسعى روسيا إليها منذ أكثر من خمس سنوات عبر إغلاق المعابر الإنسانية التي تعمل الأمم المتحدة على إدخال المساعدات الإنسانية عبرها.

وكل ذلك يأتي في محاولة “لإضفاء الشرعية على النظام السوري بأنه قادر على إيصال هذه المساعدات إلى جميع المناطق السورية، بما فيها مناطق قوات سوريا الديمقراطية ومناطق المعارضة السورية”، بحسب “رحال”.

ويضيف: “النظام يعتمد بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية في مواجهة التدهور المعيشي الذي تشهدها المناطق التي يسيطر عليها، وهو يحاول الآن السيطرة الكاملة عليها من خلال خدمات هيئة تحرير الشام”.

وهذا من شأنه، بحسب “رحال” إعطاء “انطباع خاطئ عن النظام السوري، على أن مناطقه آمنة ولا يفرق بين المناطق السورية حتى الخارجة عن سيطرته، وبالتالي إضفاء شرعيته ووجوده على كامل البلاد”.

“عمالة واضحة”

ويعتبر محمد ديبو (35عاماً) وهو اسم مستعار لناشط إعلامي مقيم في مدينة إدلب، أن ما يجري من إدخال قوافل المساعدات الأممية من مناطق الحكومة إلى إدلب، “عمالة واضحة وصريحة، كونها تقدم خدمة كبيرة لها للحصول على ثقة المجتمع الدولي”.

ويقول “ديبو” إن هذه القوافل “نسفت كل ما تم توثيقه من مجازر دموية، كان آخرها فيديو مجزرة التضامن والانتهاكات التي عانى ويعاني منها آلاف المعتقلين المغيبين في سجون النظام”.

ويتساءل “ديبو”: “كيف يسمح لهذه الشاحنات بالعبور رغماً عن السكان والنازحين الذين يرفضونها رفضاً قاطعاً؟”.

ويضيف أن كل من سهل دخول هذه المساعدات “هو مرتزق، يسعى لتحقيق مصالح وأجندة محددة أمليت عليه من قبل أطراف الصراع في سوريا”.

وبعبارة “ما باليد حيلة”، يختصر “ديبو” الموضوع، “هيئة تحرير الشام لن تخضع لمطالب السكان الرافضين لهذه المساعدات، وبالتالي لن تتوانى عن قمعهم واعتقالهم في حال خرجوا في احتجاجات رافضة لموقفها”.

إعداد: قيس العبد الله – تحرير: فنصة تمو