ندوة حوارية في الرقة بعنوان "معا لحماية التراث السوري"
الرقة ـ أحمد الحسن ـ NPA
عقدت هيئة الثقافة والآثار في شمال وشرقي سوريا، الخميس، ندوة حوارية علمية تحت شعار "معا لحماية التراث السوري"، حول واقع التراث السوري خلال الأزمة، وحضر الندوة مجموعة من المثقفين والمؤرخين وممثلي الإدارة الذاتية في المركز الثقافي في مدينة الرقة.
وألقى نائب الرئاسة المشتركة للهيئة التنفيذية في شمال شرقي سوريا، حمدان العبد، خلال الندوة كلمة أكد فيها على غنى سوريا بالمواقع الأثرية والتي تصل إلى أكثر من عشرة آلاف موقع أثري وتلّة تعرَّض الكثير منها للتدمير خلال الأزمة السورية، بالإضافة إلى إهمال الحكومة السورية للمواقع الأثرية، الأمر الذي أدى إلى ضياعها.
كما ألقى بعض المشاركين في الندوة محاضرات كان أولها على لسان الباحث في شؤون الآثار ومدير متحف الرقة سابقا محمد عزو، أكد من خلالها أن التراث البشري ركيزة أساسية وصلبة من ركائز الأمة الثقافية، وكون التراث الثقافي للأمم كان منبعاً ومصدراً حيويا للإلهام والإبداع المعاصر، تنهل منه كل الطاقات الخلاقة من أدباء ومفكرين وفنانين وفلاسفة.
عزو أكد "أننا اليوم وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا لابد أن نُحذر من أن تدمير ونهب المواقع الأثرية في سوريا يهدد سوريا من فقدان تراث عالمي استمر لآلاف السنين.
وعن الفعالية وما لها من أثر في الحفاظ على التراث السوري، أشار عزو إلى "أننا نعمل على بث الوعي والتنبيه على ضرورة الحفاظ على التراث الأثري لسوريا بشكل عام وتراث الرقة بشكل خاص لما له من ارتباط بالهوية لسكان المنطقة".
من جهته قال خالد أحمو رئيس دائرة الآثار في الحسكة: إن جميع النشاطات والأعمال في مجال الحقل الأثري في سوريا مناطة بالمديرية العامة للآثار والمتاحف، وتتم وفق هيكل إداري يعمل على الحفاظ على المواقع الأثرية في سوريا ومحاسبة المخالفين، حيث تم تشكيل هذا الهيكل الإداري في جميع المحافظات السورية على شكل مؤسسات تهتم بالشؤون الأثرية ترتبط مباشرة بالمديرية العامة للآثار في دمشق.
أما صالح سينو الحائز على إجازة في الآثار من جامعة دمشق وعضو مديرية الآثار في عفرين، أكد على أن البشرية عانت على مر العصور من ويلات الحروب وامتدت هذه الويلات إلى التراث الثقافي والحضاري الذي تتمثل أهميته بما يشكله من معان سامية في وجدان الشعوب واعتباره جزءا لا يتجزأ من ذاكرة الأمة وتاريخها الثقافي ومؤشرا على الاستمرارية والتواصل بين الأجيال.
كما أكد سينو على أن النزاعات المسلحة من أخطر وأشد الظروف التي تؤدي إلى تدمير التراث الثقافي للشعوب.
وتابع: "الحرب السورية مثال حي مازلنا نعيشه ونتأقلم مع مجرياته التي أدت إلى تدمير الكثير من المواقع الأثرية القديمة".
بدوره بيَّن ياسر الشوحان، إجازة في الآثار من جامعة دمشق ومدير الآثار والمتاحف سابقا في دير الزور، "أن نهب الممتلكات الثقافية هو واحد من أقدم أشكال الجريمة المنظمة عبر الحدود، وأصبح اليوم ظاهرة منتشرة في العالم أجمع، فتهريب التراث الثقافي لا يزال يشكل كارثة تضرب بتراث الدول في شتى أنحاء العالم".
وحول الندوة تحدث الدكتور أنور المشرف مستشار الإدارة الذاتية في شمال وشرقي سوريا "أن الرقة من أكثر المدن السورية التي تعرضت للهجمات الإرهابية والتي تمثلت بتنظيم (داعش) الذي حارب الفن والثقافة بكل أشكالها".
كما أردف المشرف "بعد تحرير مدينة الرقة من تنظيم (داعش) على يد قوات سورية الديمقراطية عملت الإدارة الذاتية على وضع التراث والفن في مقدمة أولوياتها من خلال فتح المراكز الثقافية والمتاحف في جميع المدن".
واختصر الرئيس المشارك لمجلس الرقة المدني، مشلب الدرويش، طبيعة الارتباط التاريخي بين الآثار والشعب السوري بالقول: "شعب الرقة شعب متجانس بجميع أطيافه وهذا يدل على عراقة هذا الشعب".
كما أضاف الدرويش "يجب الحفاظ على آثار المنطقة وخصوصا بعد انتشار ظاهرة النهب والسرقة للآثار، لأن هذه المواقع تدل على تجذر شعوب المنطقة وارتباطهم بأرضهم".
بدوره أكد الرئيس المشارك لمكتب الآثار في الرقة عبد الغفور الخلف، على عراقة تاريخ مدينة الرقة حيث قال: "تعتبر مدينة الرقة من أقدم المدن تاريخيا بدليل اكتشاف مدينة مريبط الأثرية التي يعود تاريخها إلى /٨٥٠٠/ سنة قبل الميلاد مما يؤكد على عراقة هذه المدينة وتجذرها التاريخي".
وتضمنت الندوة مجموعة من المداخلات من قبل الحضور في ما يخص موضوع الآثار وعراقتها وكيفية الحفاظ عليها، تم الإجابة عنه من قبل المحاضرين.