رغم منعها من عمل أحادي شرق الفرات.. أنقرة لا تزال ترى مصلحتها مع واشنطن
واشنطن - هديل عويس ـ NPA
صعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال الفترة الماضية، من تهديداته بشن عملية عسكرية شرق الفرات، في محاولة منه للتكسب سياسياً داخل بلاده، غير أن الأوضاع التي تمر بها تركيا ووقوف الولايات المتحدة في طريق تهديداتها إضافة لوضعها المتأزم في إدلب حال دون مخططات أردوغان في المنطقة.
وفيما توقع مراقبون في واشنطن اندلاع كارثة على الحدود السورية - التركية الأسبوع الماضي، كتب ستيف كوك، المختص في الشأن التركي في مجلة فورين بوليسي أنه "كان من السهل إدراك حقيقة أسباب تصعيد أردوغان الذي أراد التكسب سياسياً في الداخل من التهديدات المستمرة بشن عملية شرق الفرات منذ العام 2018 ولم ينفذها، حيث لا تزال تركيا ترى مصلحتها في التنسيق مع أمريكا والبقاء الأمريكي شمالي سوريا".
من جانبه يقول البرلماني التركي السابق والباحث في معهد "الدفاع عن الديمقراطيات"، ايكان اردمير لـ"نورث برس"، إنه "يبدو للبعض أن أمريكا تثني أردوغان عن موقفه، إلا أن الأسباب أبعد، وتتعلق بعدم قدرة تركيا على المخاطرة الآن وفي ظل سقوط إدلب على هجوم غير محسوب ضد الكرد في سوريا" مضيفاً "تركيا تملك جيشاً كبيراً ومؤثراً، إلا أن المقامرة في شرق سوريا ستجلب لتركيا خسائر كبيرة في وقت يريد أردوغان في ظل تدهور شعبيته، جلب مكاسب اقتصادية يلمسها الشعب التركي الغير متحمس والرافض لأي حرب جديدة تخوضها تركيا أو اعتداء على سوريا يجلب خسائر للأتراك".
ويضيف تدمير "اليوم أردوغان يكسب سياسياً في الداخل دون أن يأمر جندياً تركياً واحداً بالقتال".
ويرى اردمير أن إدارة ترامب تبلي بلاء حسناً في شرق سوريا، حيث منعت تركيا من التهور والذهاب باتجاه عمل أحادي، وتستمر بالضغط الآن لإقامة منطقة آمنة لا تسمح فيها الولايات المتحدة لأي خديعة تركية بأن تمر".
مردفاً "أعلم المسؤولون الأمريكيون نظرائهم الأتراك صراحةً، قبل أن تصلوا إلى الحدود في عملية عدائية ستكون عقوبات كاتسا قد طبقت على أنقرة".
من جانبه يقول المحلل نيك شورت لـ "نورث برس"، بأن تركيا "تعرف كم هي كبيرة أخطائها بحق الولايات المتحدة وكم هي بحاجة من جانب آخر للعلاقة مع واشنطن، وتعلم التبعات كم ستكون مكلفة، فتركيا تسمح لبوتين بخلق شرخ عميق في حلف الناتو عبر تعريض أمن الحلفاء لتجسس الروس والعقوبات المترتبة على ذلك كفيلة بإلحاق الضرر بالاقتصاد التركي ومسألة البت في العقوبات لم تطوى بعد ولا تزال على الطاولة مع شروط المنطقة الآمنة كما كانت حين هدد أردوغان بعمل أحادي".
ضغط على تركيا
يقول كمال شوماني الباحث المختص بالشأن الأوروبي في "معهد التحرير الأمريكي" في تصريح لـ"نورث برس" إن أوروبا تدخل على خط الحديث عن "المنطقة الآمنة" وتلعب دوراً في تعزيز الموقف الأمريكي المتمسك بعدم خسارة المكاسب في سوريا فيما يتعلق بتحريرها من إرهابيي "الدولة الإسلامية".
ويقول شوماني: "بينما التزمت أوروبا الصمت والسكون تجاه الحملة ضد عفرين، تلعب اليوم دوراً في الضغط على تركيا لمصالحة الكرد وكل منطقة شمال شرقي سوريا للحفاظ على الوضع الراهن فيها كما هو، ومنع التوغلات التركية التي تراها أوروبا فاتحة لموجات فوضى جديدة".
ويفيد شوماني بأن تركيا أقرب مما مضى إلى محاولة الانضمام للاتحاد الأوروبي مع خروج بريطانيا في إطار "بريكست" من الاتحاد، وبالتالي ما سنراه من تركيا في المرحلة المقبلة لن يكون مشابهاً للتصعيد الكلامي وإنما المزيد من الاهتمام بالاقتصاد والسلام.