"يتامى ولكن".. أول فيلم سينمائي يتم تصويره وإنتاجه وعرضه في منبج شمالي سوريا
منبج- فتاح عيسى/جهاد نبو-NPA
عرض مركز الثقافة والفن في مدينة منبج شمالي البلاد، مساء أمس، أول فيلم سينمائي تم إنتاجه وتصويره في منبج بعنوان "يتامى ولكن"، بحضور مجموعة من المهتمين والمثقفين وأعضاء بعض المؤسسات الإدارية في المدينة.
وسبق عرض الفيلم ندوة حوارية، شارك فيها الإدارية في مركز الثقافة والفن روز إسحاق، ومخرج الفيلم أحمد الشحادة، والإعلامي والموجه التربوي خليل الحاج، والناشطة في مجال الطفل والمرأة فاطمة الشرق.
وأوضح مخرج العمل، أحمد شحادة، لـ"نورث برس" أن الفيلم يعتبر التجربة الأولى في مجال السينما، مشيراً إلى أنه يتمحور حول واقع الأطفال ومعاناتهم النفسية في ظل الأزمة المستمرة منذ سنوات في سوريا.
الهدف
وأشار شحادة أنه يهدف من خلال هذا العمل إرسال رسالة لكل السوريين لإيقاف الحرب كي "يستطيع الأطفال أن يعيشوا حياتهم الطبيعية، ويتأمن لهم الدعم اللازم للممارسة هواياتهم وإكمال تعليمهم".
استغرق تصوير الفيلم نحو شهرين بجهود محلية، من حيث الإنتاج والتمثيل والتصوير والموسيقى والمونتاج والإخراج، حيث صورت أغلب المشاهد في مدينة منبج, إضافة إلى بعض المشاهد في مدينة الرقة شمالي سوريا.
وأكد شحادة أن فكرة الفيلم تنطبق على جميع الأطفال في سوريا، وإن تفاوت مستوى المعاناة التي عاناها الأطفال، مشيراً إلى أن الهدف من إنتاج العمل السينمائي هو إظهار مدى "قوة أبناء سوريا في عدم الاستسلام للظروف الصعبة التي يمرون بها، وبناء الأطفال لأحلامهم رغم كل الظروف".
وتدور أحداث الفيلم حول ثلاثة إخوة يفقدون والديهم جراء الحرب، والصعوبات التي يواجهونها في حياتهم، ودور التربية والتعليم في إعادة بناء الطفل من جديد بعد تأثير الحرب عليهم وعلى المجتمع بشكل عام.
بدوره أوضح المواطن جمعة الحيدر (53 عاماً) والذي حضر فيلم، أن للحرب آثار كبيرة وخاصة على الجانب النفسي للأطفال، منوهاً إلى حاجة الأطفال لإعادة تأهيل نفسي، ودمجهم في المجتمع من خلال الأسرة والمدرسة، في ظل وجود مخزون هائل من الصور والأفكار لدى أطفال سوريا عن الحرب والدمار والقتل، حيث "كانت تعلق رؤوس البشر في الساحات أيام سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) على المدينة".
التوعية
وأشار الحيدر أن ما تنتجه لجنة الثقافة في المدينة من برامج ومحاضرات وندوات وأفلام وثائقية أو أفلام أخرى، لها دور كبير في التوعية بأهمية معالجة مشاكل الأطفال؛ لتعويضهم عما فاتهم خلال السنوات الأخيرة، وخاصة في مجال التعليم.
وأكد الحيدر أن الفيلم بشكل خاص والأعمال السينمائية بشكل عام لها "دور كبير في توعية الآباء؛ للعب دورهم في إرشاد الأطفال نفسياً وتعليمياً؛ ليمحوا ما علق في أذهان أبناءهم من خراب ودمار".
فيلم واقعي
وحول رسالة الفيلم، قالت الناشطة والتربوية فاطمة الشرق لـ"نورث برس" أن الفيلم "يعالج حالة فقدان الأطفال للأبوين، التي تتسبب في أغلب الأحيان بفقدان الطفل لحقوقه في التعليم والإيواء والغذاء، ويسلط الضوء على حالات واقعية لأطفال يعيشون بيننا، وينامون في الشارع ويأكلون من فضلات الشوارع"، مشيرةً إلى دور المجتمع في مراعاة ظروف مثل هؤلاء الأطفال عبر جمعيات ومؤسسات تقوم بتأهيل الأطفال ودمجهم بالمجتمع مرة أخرى.
وأضافت الشرق أن الفيلم "لامس حالات /80/ بالمئة من أوضاع الأطفال بشكل عام، لكن لم يشر إلى الأطفال الذين أصبحوا من ذوي الاحتياجات الخاصة جراء الحرب"، لافتةً إلى أن دور الأيتام يجب أن لا يقتصر على تأمين المأكل والملبس والمأوى، بل يجب أن تركز على التغذية الروحية والعقلية والفكرية للطفل عبر السعي لتعليمهم.
وأشارت الشرق إلى أهمية عرض الفيلم على مختلف شرائح المجتمع وخاصة على أصحاب رؤوس الأموال؛ "ليساهموا في دعم الأطفال، بعيداً عن حالة الشفقة التي يظهرها البعض تجاه مثل هؤلاء الأطفال والتي تؤدي إلى هروب الأطفال ودخولهم لعوالم التشرد والإجرام".
وأوضحت أن الفيلم يعتبر نقلة نوعية بالنسبة لأهالي منبج، وخاصة أنه الأول على صعيد المدينة، مشيرةً إلى بعض الأخطاء وخاصة موضوع الإطالة في بعض المشاهد، وعدم منطقية الانتقال بين مشهد وآخر.
يشار إلى أن الفكرة الأساسية للفيلم، هي للشاب خلف الصالح، من أهالي مدينة منبج، والذي طرح فكرته على مركز الثقافة والفن في المدينة، حيث قدم المركز الدعم المادي لإنتاج العمل بعد إعداد فريق عمل متكامل.